قبل أسابيع، نشرت جريدة الجزيرة القطرية و الناطقة بالإنجليزية مقالاً تحت عنوان إستفزازي : "لماذا نخجل؟" في عدد السبت الخاص. " يبدو أن قنواتنا الإعلامية - القطرية - لا تقبل الحرية، على الرغم من حرص القيادة على تعزيز حرية الصحافة المحلية" كما إفتتح الكاتب في الصفحة الأولى.
يأتي السؤال في وقت مثير للجزيرة الصغيرة بجانب ساحل المملكة العربية السعودية. قطر المستضيفة لقناة الجزيرة الإخبارية الفضائية. التي في الغالب تحب الظهور بالأخبار والتقارير المثيرة من بعض أكثر الأماكن سخونة. الخيار المثالي والبديل للراغبين في الأخبار في منطقة الشرق الأوسط بدلاً من المنظور الغربي المتمثل في BBC و CNN. واكتسبت المحطة مكانة مرموقة أثناء ثورة الشباب المصرية بكسر الحصار الإعلامي المفروض عليها. واحتلت مكانة مرتين في قائمة ال100 الأكثر نفوذاً في العالم. ويمكن الإشارة إلى أن القناة إحتضنت شباب الثورة المصرية وساهمت في الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك. بعد أيام من سقوطه طالب البعض في عريضة على الإنترنت لمقدمي خدمة التلفزيون عبر الكيبل في الولايات المتحدة بإضافة القناة لباقة القنوات التي تبثها. في الماضي كان بعض النقاد يعتبرون القناة "قناة القاعدة" عندما كانت تحاول إثارة الدور الأمريكي في العراق. ولكنهم الآن يراجعون الأمر ويعتبرون أن القناة بدأت تميل لكفة حرية التعبير والديمقراطية و حقوق الإنسان. في مقابلة مع التايمز أدارها إشان ثارور صرح كبير مراسلي القناة في واشنطن العاصمة عبدالرحيم فقرا عن أهمية عرض مختلف وجهات النظر. (رابط المقابلة -باللغة الإنجليزية)
وبالمثل تقوم الجزيرة بدور مشابه بتغطيتها للإحتجاجات في ليبيا. وفي غضون إسبوع من قمع القذافي لشعبه، كانت الجزيرة جاهزة لإستخدام العلم الليبي الثلاثي ألوان والذي تستخدمه المعارضة بدلاً من العلم الليبي ذو اللون الواحد. قمت بسؤال آل انستي المدير الإداري في الجزيرة الإنجليزية، حول إستخدام القناة لمثل هذا الرمز. حيث أردت أن أشير إلى ضرورة وجود تغطية غير متحيزة للأمور المعقدة في ليبيا. وقد أجاب بأنه لا يوجد تغطية غير منحازة عندما يتعلق الأمر بنظام دكتاتوري مستبد، والذي تحدث عن التفتيش في المنازل عن المعارضين و قتلهم كالجرذان. وقمنا بإختيار العلم ثلاثي الألوان بسبب ديناميكية القضية. ف"هنالك الكثير ممن يتحدى الديكتاتور الذي كان في السلطة لمدة 42 عاماً، واستخدام العلم القديم هو تحدٍ له".
"صوت من لا صوت له" هي ما تحاول القناة القيام به كما يضيف آنستي. وعندما يأتي الأمر للحديث عن ضحايا الزلازل، الفيضانات، والأنظمة المستبدة، فإن الجزيرة غالباً ما تنجح. ربما عدا حالة البحرين، الجزيرة الجارة في شمال قطر، حيث قمع النظام السني المعارضة الشيعية المطالبة بالديمقراطية. وعلى مدى الثلاثة أشهر الماضية بدأت الحكومة في إنتهاج سياسة التخويف والقمع والتعذيب حيث لا مكان لها في ليبيا و مصر مبارك. على الرغم من ذلك كانت تغطية الجزيرة محدودة ووجيزة، مما ساهم في تخلف الإعلام العالمي عن تغطية الحدث هناك.
وعندما بدأت البرامج بالبث حول البحرين، قامت الحكومة البحرينية ببراعة شديدة بمنع التغطية الإعلامية عن طريق عدم إعطاء تأشيرات للصحفيين. لكن هذا ليس بعذر، خاصة للجزيرة، التي تعتبر هذا النوع من المنع كحافز إضافي، وليس سبباً للتراجع. هل هنالك معايير مزدوجة؟ فالقوات القطرية في البحرين، كجزء من تدخل سعودي بغطاء من دول الخليج العربي لسحق أي مطالبة بالديمقراطية في الممالك السنية. وكما نعلم فإن تمويل الجزيرة يأتي بشكل كبير من الأسرة الحاكمة السنية في قطر. وهو ما يقودنا لعنوان مقولة جريدة الجزيرة "لماذا نخجل؟". آنستي يصر على أن المحطة مستقلة تماماً. ويقول بأنه مادامت هنالك أخبار تتعلق بأي قضية فستكون هنالك تغطية حتى لو كان الموضوع مثير للجدل. ومقارنة بسوريا، حيث بالإضافة إلى منع الصحفيين، تم خطف مراسلة الجزيرة و إرسالها إلى إيران، فالتغطية في البحرين غير مشوقة. وكما كتبت الواشنطن بوست قبل عدة أسابيع، فالبحرين ليست بأهمية مصر وليبيا وحتى اليمن، حسب ما صارح مديروا أخبار المحطة. ومع ذلك فيبدو أن القضية في البحرين ستنفجر في أي لحظة، والمشكلة الشيعية السنية سلتقي بظلالها على المنطقة. هل يمكننا إلقاء اللوم على الرقابة الذاتية؟ ربما، حسب ما صرح لي إعلامي قطري مستقل " لا يريد أي شخص أن ينشر غسيله القذر في الهواء ". ودور قطر على مضض في سحق المعارضة في البحرين حتى بغطاء سعودي، سيضر بمصداقية الجزيرة في إدعائها بأنها مع حقوق الإنسان وحق تقرير المصير.
ترجمة غير رسمية للمقال المنشور في مجلة التايمز. (رابط المقالة الأصلي)
يأتي السؤال في وقت مثير للجزيرة الصغيرة بجانب ساحل المملكة العربية السعودية. قطر المستضيفة لقناة الجزيرة الإخبارية الفضائية. التي في الغالب تحب الظهور بالأخبار والتقارير المثيرة من بعض أكثر الأماكن سخونة. الخيار المثالي والبديل للراغبين في الأخبار في منطقة الشرق الأوسط بدلاً من المنظور الغربي المتمثل في BBC و CNN. واكتسبت المحطة مكانة مرموقة أثناء ثورة الشباب المصرية بكسر الحصار الإعلامي المفروض عليها. واحتلت مكانة مرتين في قائمة ال100 الأكثر نفوذاً في العالم. ويمكن الإشارة إلى أن القناة إحتضنت شباب الثورة المصرية وساهمت في الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك. بعد أيام من سقوطه طالب البعض في عريضة على الإنترنت لمقدمي خدمة التلفزيون عبر الكيبل في الولايات المتحدة بإضافة القناة لباقة القنوات التي تبثها. في الماضي كان بعض النقاد يعتبرون القناة "قناة القاعدة" عندما كانت تحاول إثارة الدور الأمريكي في العراق. ولكنهم الآن يراجعون الأمر ويعتبرون أن القناة بدأت تميل لكفة حرية التعبير والديمقراطية و حقوق الإنسان. في مقابلة مع التايمز أدارها إشان ثارور صرح كبير مراسلي القناة في واشنطن العاصمة عبدالرحيم فقرا عن أهمية عرض مختلف وجهات النظر. (رابط المقابلة -باللغة الإنجليزية)
بالنسبة للأمريكين ما يحصل من تغيير كبير في مصر يؤثر على الولايات المتحدة و مصالحها في هذه المنطقة من العالم. ومن المثير فعلاً رؤية الأمريكيين بما فيهم أجهزة الإستخبارات تقف عاجزة في محاولة لفهم كيفية حصول ذلك. وما هي التداعيات و كيف يمكنها التعامل مع ذلك. في نفس الوقت كانت تغطية الجزيرة تجيب عن هذه التساؤلات. وأعتقد أن تغطيتنا لما حصل في مصر أوضح للناس كيف أن هنالك قصص تؤثر على السلام والإستقرار في العالم تطلبت وجود قناة مثل قناة الجزيرة الإنجليزية. فهي قامت بالإستثمار وكان لها وجود، ووجهة نظر، الخبرة، والمعرفة لتغطية ما يحصل في مصر.
وبالمثل تقوم الجزيرة بدور مشابه بتغطيتها للإحتجاجات في ليبيا. وفي غضون إسبوع من قمع القذافي لشعبه، كانت الجزيرة جاهزة لإستخدام العلم الليبي الثلاثي ألوان والذي تستخدمه المعارضة بدلاً من العلم الليبي ذو اللون الواحد. قمت بسؤال آل انستي المدير الإداري في الجزيرة الإنجليزية، حول إستخدام القناة لمثل هذا الرمز. حيث أردت أن أشير إلى ضرورة وجود تغطية غير متحيزة للأمور المعقدة في ليبيا. وقد أجاب بأنه لا يوجد تغطية غير منحازة عندما يتعلق الأمر بنظام دكتاتوري مستبد، والذي تحدث عن التفتيش في المنازل عن المعارضين و قتلهم كالجرذان. وقمنا بإختيار العلم ثلاثي الألوان بسبب ديناميكية القضية. ف"هنالك الكثير ممن يتحدى الديكتاتور الذي كان في السلطة لمدة 42 عاماً، واستخدام العلم القديم هو تحدٍ له".
"صوت من لا صوت له" هي ما تحاول القناة القيام به كما يضيف آنستي. وعندما يأتي الأمر للحديث عن ضحايا الزلازل، الفيضانات، والأنظمة المستبدة، فإن الجزيرة غالباً ما تنجح. ربما عدا حالة البحرين، الجزيرة الجارة في شمال قطر، حيث قمع النظام السني المعارضة الشيعية المطالبة بالديمقراطية. وعلى مدى الثلاثة أشهر الماضية بدأت الحكومة في إنتهاج سياسة التخويف والقمع والتعذيب حيث لا مكان لها في ليبيا و مصر مبارك. على الرغم من ذلك كانت تغطية الجزيرة محدودة ووجيزة، مما ساهم في تخلف الإعلام العالمي عن تغطية الحدث هناك.
وعندما بدأت البرامج بالبث حول البحرين، قامت الحكومة البحرينية ببراعة شديدة بمنع التغطية الإعلامية عن طريق عدم إعطاء تأشيرات للصحفيين. لكن هذا ليس بعذر، خاصة للجزيرة، التي تعتبر هذا النوع من المنع كحافز إضافي، وليس سبباً للتراجع. هل هنالك معايير مزدوجة؟ فالقوات القطرية في البحرين، كجزء من تدخل سعودي بغطاء من دول الخليج العربي لسحق أي مطالبة بالديمقراطية في الممالك السنية. وكما نعلم فإن تمويل الجزيرة يأتي بشكل كبير من الأسرة الحاكمة السنية في قطر. وهو ما يقودنا لعنوان مقولة جريدة الجزيرة "لماذا نخجل؟". آنستي يصر على أن المحطة مستقلة تماماً. ويقول بأنه مادامت هنالك أخبار تتعلق بأي قضية فستكون هنالك تغطية حتى لو كان الموضوع مثير للجدل. ومقارنة بسوريا، حيث بالإضافة إلى منع الصحفيين، تم خطف مراسلة الجزيرة و إرسالها إلى إيران، فالتغطية في البحرين غير مشوقة. وكما كتبت الواشنطن بوست قبل عدة أسابيع، فالبحرين ليست بأهمية مصر وليبيا وحتى اليمن، حسب ما صارح مديروا أخبار المحطة. ومع ذلك فيبدو أن القضية في البحرين ستنفجر في أي لحظة، والمشكلة الشيعية السنية سلتقي بظلالها على المنطقة. هل يمكننا إلقاء اللوم على الرقابة الذاتية؟ ربما، حسب ما صرح لي إعلامي قطري مستقل " لا يريد أي شخص أن ينشر غسيله القذر في الهواء ". ودور قطر على مضض في سحق المعارضة في البحرين حتى بغطاء سعودي، سيضر بمصداقية الجزيرة في إدعائها بأنها مع حقوق الإنسان وحق تقرير المصير.
ترجمة غير رسمية للمقال المنشور في مجلة التايمز. (رابط المقالة الأصلي)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق