في مرة من المرات إحتفى بي البرلمان البحريني بحفاوة بالغة، أما الآن فأنا ممنوع من دخول المملكة. في الحالتين كان السبب متابعاتي حول حقوق الإنسان.
الكاتب: الصحفي جشنوا كولانجلو-براين
قبل ست سنوات، إحتفى بي البرلمان البحريني، وهذا الشهر منعتني الحكومة البحرينية من دخول المملكة الصغيرة التي تقع قبالة ساحل المملكة العربية السعودية و تستضيف الإسطول الخامس للبحرية الأمريكية. فيما يبدو الأمر غريب بشكل كبير إلا أنه من السهل الشرح.
في عام 2005، عندما كنت ممثلاً للبحرينيين المحتجزين في خليج غوانتانامو مع زميل لي، ذهبنا إلى البحرين للدفاع عنهم. وأكدنا على أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقم بالإجراءات القانونية للازمة لموكلينا. وأكدنا على أن من حق موكلينا الحصول على معاملة إنسانية، و أشرنا إلى الإنتهاكات التي يتعرض لها بعض موكلينا على النحو الذي تؤكده مصادر في الحكومة الأمريكية.
رحب بنا المسؤولون البحرينيون بأذرع مفتوحة، و دعانا عضو بارز في البرلمان البحريني إلى جلسة ستناقش جوانتانامو. وشدد هذا العضو على الحق العالمي في الحصول على محاكمة عادلة وهذا ما لم يحصلوا عليه موضحاً ذلك لزملائه النواب، ومن ثم أشار إلينا في شرفة البرلمان قائلاً أننا نفعل من أجل وطنه أكثر مما فعله أي شخص، مقدماً إمتنانه العميق. وصاحب ذلك تصفيق حار من زملائه النواب.
بحلول عام 2007، تم الإفراج عن موكلينا في غوانتانامو. وقمنا بالإلتقاء ببعض الناشطين البحرينيين الذين ساعدونا في العمل على قضية غوانتانامو و أشاروا إلى أن هنالك تدهور في حقوق الإنسان في البحرين أيضاً. في ذلك الوقت كانت البحرين تسوق نفسها على أنها "ملكية دستورية". الملك حمد من عائلة آل خليفة الحاكمة بدأ إصلاحات مهمة بعد توليه السلطة في 1999. على الرغم من ذلك في العام 2007 بدا أن الحكومة بدأت باللجوء إلى طرق الماضي بما في ذلك إستخدام التعذيب للحصول على المعلومات من المشتبه بهم بقضايا تمس الأمن القومي.
عملت مع هيومان رايت واتش للتحقيق في مزاعم التعذيب، و قدمت النتائج التي توصلت لها في تقرير في فبراير 2010. وخلص التقرير - إستناداً إلى مقابلات الشهود و الوثائق والتقارير الطبية- بأن رجال الأمن خلال السنوات القليلة الماضية علقت المتهمين من أطرافهم، واستخدمت أجهزة الصعق الكهربائية، وقامت بإعتداءات جسدية أخرى. ودعونا البحرين لمعاملة المحتجزين معاملة إنسانية ومنحهم محاكمة عادلة.
على الفور أشار نفس نواب البرلمان الذين انتقدوا مثل هذه الأمور حينما تعلق الأمر بمعتقلي غوانتانمو، إلى أن تقارير منظمة هيومان رايت واتش غير صحيحة. أشير إلى أن معتقلي غوانتانامو كانو سنة وكذلك من تحدث عنهم من السنة. بينما ضحايا التعذيب الذين تحدث عنهم التقرير كانوا من الأغلبية الشيعية في البحرين، والذين شكوا طويلاً -بشكل مبرر- من الظلم السياسي والإقتصادي الواقع عليهم.
ثم في أغسطس الماضي، أصبحت الأمور أسوء. ألقت الحكومة القبض على عدد من المعارضين البارزين بتهم غامضة أو غير موجودة. وظهرت إدعاتا التعرض للتعذيب من جديد، و بدا أن هنالك جروحاً في أجساد المعتقلين، ورأيت بعضها أثناء حضوري لبعض المحاكمات.
لم يكن هذا الأمر إلا خطوة تمهيدية لما حصل في فبراير عندنا خرج البحرينيون إلى الشارع مطالبين بكل سلمية الحصول على مشاركة سياسية ذات معنى. قتلت قوات الأمن سبعة أشخاص وجرحت المئات بعد أن سمحت للمتظاهرين بالتظاهر لفترة وجيزة. وبعد ذلك في 14 مارس قمعت قوات الأمن الإحتجاجات مرة أخرى و أعلنت الأحكام العرفية و ذلك بمساعدة من القوات السعودية. و استمرت عمليات القتل والهجمات والإعتقالات بعد ذلك.
هذا الشهر، سافرت إلى البحرين للتحقيق في الوضع و للقاء نبيل رجب "شيعي علماني" ساعدنا كثيراً في العمل على قضية غوانتانامو التي تلقت إشادة من البرلمان البحريني. والآن يتعرض هذا النشاط إلى مضايقات حكومية.
عند وصولي مطار البحرين و عند مكاتب الجوازات، أخبرتني السلطات بأنني غير مسموح لي بالدخول إلى البلد، وسيقومون بوضعي على الطائرة القادمة التي تغادر. وأخبروني بأن العمل "الذي أقوم به" يتطلب موافقة مسبقة للحصول على تأشيرة. وعندما أخبرته برحلاتي السابقة إلى البحرين أثناء القيام "بالعمل الذي أقوم به"، حيث أنني حصلت على تأشيرة دخول في المطار، أخبروني "بأن الأمور قد تغيرت".
بالطبع تغيرت الأمور، دافعت عن الإجراءات القانونية و المعاملة الإنسانية بإسم البحرينيين الذين تصادف أنهم سنة، و الآن أنا أدافع عن الإجراءات القانوينة و المعاملات الإنسانية بإسم البحرينيين الذين يتصادف بأنهم شيعة. ورغم أن البحرين رحبت بهذه المبادئ منذ ست سنوات عندما كنت ادعو لتطبيقها على موكليني في غوانتانامو، إلا أنها لا تسمح بتطبيق مثل هذه الحقوق على غالبية شعبها الذين يتعرضون لحملة قمعية واسعة.
أما بالنسبة لي، أيام الإحتفاء والتصفيق لي من قبل السلطات البحرينية إنتهت. وفي الواقع يبدو أن أيامي في البحرين إنتهت في هذه الفترة.
ترجمة للمقال في صحيفة الغارديان البريطانية (رابط المقال)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق